انبعثت رائحة الياسمين من المركز الثقافي الملكي حيث افتتح العين طاهر المصري اول امس معرض الفنان محمد الجالوس بمناسبة يوم الارض. كانت نابلس وكانت بيوتها و’حارة الياسمينة’ وكانت ريشة الفنان الجالوس الذي حول معرضه الى احتفالية بذاكرة المكان’النابلسي’. فبرزت الادراج والشبابيك والقباب والمساجد والبلدة القديمة وحتى حبل الغسيل وشجرة اللبلاب وايضا ظلال البيوت وساحات الدور. الحنين هو الذي جاء بالحشد من الناس الذين حضروا معرض الفنان الجالوس. والذكريات التي حرّكت المحبين لعاصمة جبل النار هي التي جعلتهم يتأملون اللوحات بمزاج خاص تماما مثل مزاج اهالي نابلس.
واعتبر الجالوس خلال تصريح لـ ‘الدستور’ أن المعرض بلوحاته المائية وثيقة للتاريخ لإدانة ما ارتكبته قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق هذه التحفة المعمارية والاجتماعية ، عندما أوغلت في العام 2000 ومع انطلاقة الانتفاضة الثانية هدما لما بناه الأجداد في حضارة (شكيم الكنعانية) وحارة الياسمينة درة نابلس وحاملة أسرارها.
وبين الجالوس أنه ومنذ عام 1991 يرسم المدن التي يحب والتي لها في الذاكرة تفاصيل دفعته لرسمها فبدأ بالفحيص ثم السلط في عام 1997 وصولا إلى القدس ، وخلال زيارته إلى نابلس عام 1998 استوقفته حارة الياسمينة وذلك الشبه والتقاطع الكبير بينها وبين السلط وكأن ذات المعماري هو من بنى كلا المكانين ، ويضيف الجالوس: ‘حارة الياسمينة تبدو للوهلة الأولى وكأنها بيت واحد بأبواب متعددة ونوافذ مشرعة للياسمين الذي هو سمة الحارة وهو الذي يعطيها ـ إضافة إلى الأقواس والممرات الحجرية ـ خصوصيتها وشخصيتها المعمارية والاجتماعية الفريدة’.
وعلى صعيد التجربة الإبداعية يلفت الجالوس إلى أن ذلك التقليد الذي أخذه على نفسه منذ بداية التسعينيات في رسم المدن بالألوان المائية يأتي مصاحبا لتجربته التجريدية المعاصرة والتي أوصلته إلى جائزة بينالي طهران الدولي عام ,2002 ويضيف الجالوس: ‘أرسم بالألوان المائية وأعود للمرئي لأعيد وأرمم ما تكسر في علاقتي بالأعمال الواقعية والمرئية على وجه التحديد ، وهي محطات أوجه فيها التحية إلى مدينة بعينها وأنا في أتون تجربتي بالمواد المختلفة والحداثية’.
وحول خصوصية التجربة المائية يقول الجالوس: ‘الألوان المائية تمتلك خاصية الشفافية والرقة وهي خواص أنثوية بامتياز وأنا مغرم بهذا النوع من الألوان. أرسم بها كما لو أنني أعيش حالة عشق متجدد فهي تنقلني إلى الانثى فيّ. كيف لنا أن نكون بشرا دون أن نحمل في دواخلنا إلى جانب الذكورة رقة المشاعر وشفافية الأحاسيس. الألوان المائية كما هو معروف لا تقبل الخطأ وهي بحاجة إلى تدريب متواصل من قبل الفنان وتتطلب منه امتلاك أدواته الكاملة كرسام. أرسم بهذه الألوان لبناء علاقة أقوى مع لوحتي وبحثي التجريدي الذي عرفت به’.
والجالوس من مواليد عمان1960 ، ودرس خلال الفترة من1979 – 1981 الفن في معهد الفنون الجميلة بعمان ، كما حصل على بكالوريوس في إدارة الأعمال من الجامعة الأردنية ، وهو عضو رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين وتولى رئاستها خلال الفترة من2003 – ,2004
وكتب الجالوس في مجال النقد الفني والقصة القصيرة.وعمل في مجال إدارة المعارض والتصميم الفني وتعليم الفن للمرحلتين الابتدائية والثانوية .
وعاش الجالوس بين عامي 1994 – 1995 في مدينة نيويورك وشارك في العشرات من ورش العمل الفنية في مختلف دول العالم وكتب عنه في العديد من الصحف والمجلات المحلية والعربية والعالمية هذا إضافة إلى العديد من البرامج والمقابلات التلفزيونية في الفضائيات العربية وعلى مدار ربع قرن من العمل في مجال الرسم إضافة إلى عشرات المعارض الخاصة والجماعية وقد فاز بالجائزة الأولى لبينالي طهران الثاني للفن المعاصر في العالم الاسلامي2002 – ,2003
كتب الجالوس في مجال النقد الفني والقصة القصيرة وله مجموعة قصصية بعنوان ‘ذاكرة رصيف’ ، وعمل في مجال إدارة المعارض والتصميم الفني.
انتج عن حياته وفنه فيلما تلفزيونيا بعنوان ‘هؤلاء الآخرون’ ، من إعداد وإخراج سوسن دروزة وإنتاج مراّة ميديا ومدته 57 دقيقة ، وتم عرضه الأول في قناة أوربت ثم العديد من المحطات التلفزيونية العربية ، وهو من ضمن أفلام متسلسلة عن الفنانين العرب. وحصل الجالوس على شهادة تقدير مهرجان موسكرون الدولي للفنون التشكيلية في العام ,1996