معرض حارة الياسمينة للجالوس فـي المركز الملكي


رسمت حارة الياسمينة قبل تدميرها على ايدي الاحتلال لتخليد ذاكرة المكان

التشكيلي محمد الجالوس في معرضه الجديد .. رسم بيوت نابلس وذاكرتها المتباهية بحاراتها وتراثها

مجموعتي السابقة كانت عن دروب القدس وبيوت السلط

31/3/2008

العرب اليوم – هدا السرحان

منذ العام 1991 وانا ارسم المدن التي احب, مهمة اخذتها على نفسي من زمان, بدأتها بمدينة الفحيص ثم السلط وصولا إلى القدس في العام ,2000 وهي محطة اعيد بها علاقتي بالطبيعة كمرجع للتجديد الذي انتمي له واحبه, حيث ارمم ما انكسر في علاقتي بالمرئي واترك وثيقة للمكان, هي جزء من عملي كرسام.

لم يخطر ببالي ان ما رسمته بالالوان المائية لمدينة نابلس, تلك التي زرتها في العام ,1998 من حارة الياسمينة, سيكون وثيقة للتاريخ ووثيقة لادانة ما ارتكبته قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق هذه التحفة المعمارية والاجتماعية, عندما اوغلت في العام 2000 ومع انطلاق الإنتفاضة الثانية, هدما لما بناه الاجداد من حضارة (شكيم الكنعان) وحارة الياسمينة, درة نابلس وحاملة اسرارها.

سلاما على الياسمينة وسلاما على الطفل جهاد ابن الحارة الذي رافقني ذات صباح وكان مفتاحي لاكتشاف التاريخ… بهذه الكلمات قدم الفنان التشكيلي محمد الجالوس لوحاته التشكيلية الرائعة عن حارة الياسمينة وجبل النار والتي ستكون متاحة امام محبي الفن في معرضه الجديد في 26 من نيسان المقبل والذي سيفتتح في المركز الثقافي الملكي برعاية رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري…

للمكان حضوره في اعمال الجالوس فقد أعاد تشكيل بيوت السلط مرتين في لوحات اختصرت جمالية المكان وذاكرته. وبعد ذلك رسم ‘بيوت القدس’ العابقة بالتاريخ والمعاني والصور الروحية التي اختزنتها ذاكرة بيوت ودروب زهرة المدائن. ‘بيوت من القدس – حارة الياسمينة’ للجالوس سيكون مفاجأة للنقاد والرواد والدارسين والمؤرخين…

لأنه ‘نبش’ في ذاكرة المدينة جبل النار والياسمين والتقطت عيناه سراها وجمالها وسرها وتراثها وتفاصيل تاريخها الأصيل…

شاهدنا لوحات ‘بيوت من نابلس – حارة الياسمينة’ التي صمدت في وجه جنود الإحتلال والتي تم تخريبها وهدمها في اكبر عملية سطو على ذاكرة المدينة الفلسطينية, حيث نجح الفنان في الإحتفاظ بلوحات رائعة تحكي قصة حارة الياسمينة وكما كانت وستبقى في ذاكرة الأجيال….

وبهذه المناسبة تحدث الفنان محمد الجالوس عن لوحاته الجديدة في هذا الحوار مع ‘العرب اليوم’:

* هل تأتي ‘بيوت من نابلس’ ضمن سلسلة ذاكرة المدينة بعد السلط والقدس, ولماذا حارة الياسمينة في نابلس؟!

– منذ عام 1991 وانا ارسم المدن التي احب, وهو مشروع خاص انظر اليه من زاويتين الاولى هي الابقاء على علاقتي بالمرئي وجزء من اشتغالي على الرسم, وكما تعرفين فان تجربتي في العموم هي تجربة معاصرة, وانا انتمي فعلا للتجريد كمقترح بصري, واعتقد ان اللوحة التجريدية بما تحمله من شحنة معرفية وبصرية, قادرة على اثارة الخيال واثارة الشجن, وقادرة على بث روح الحب والعمل من اجل حياة اجمل.

هذا الانشغال على المرئي يدفعني دائما الى الاخلاص لمشروعي المعاصر ويبقي علاقتي طازجة بالمشهد والمكان تحديدا.

اما الزاوية الثانية فهي تأتي من باب المسؤولية الشخصية والدور الذي اراه ضروريا للفنان في الحفاظ على المكان. التاريخ والجمال المعماري. وهو دور بقيت محافظا عليه منذ بيوت من الفحيص في العام 1992 ثم بيوت من السلط في العام 1997 ثم بيوت من القدس في العام 2000 والان في بيوت من نابلس (حارة الياسمينة).

ولعل هذا المعرض الذي يقام في السادس والعشرين من نيسان هذا العام, يأخذ اهمية اضافية كونه موثقا لمدينة وحارة فلسطينية تعرضت للهدم والتدمير, على ايدي قوات العدو الاسرائـيلي في العام 2000 ومع انطلاق الانتفاضة الثانية.

* هل ستكون لوحاتك الجديدة عن نابلس وحارة الياسمينة في كتاب جديد كما كانت مجموعاتك عن السلط وبيوت القدس؟!

– التوجه موجود, بل وضروري, لكن كما تعلمين هذا الامر لا يتوقف علي شخصيا, فالكتب السابقة وجدت مؤسسات ترعاها وتنشرها, اتمنى ان يجد مشروع بيوت من نابلس وحارة الياسمينة من يتبنى نشر واصدار كتاب يحمل نفس الاسم, فهذه الوثيقة هي للتاريخ وللاجيال القادمة حول الحارة التي دمرها العدو الاسرائـيلي قاصدا مسح هوية شعبها الفلسطيني.

* الآن انت رسمت المدينتين التوأم (السلط ونابلس) لماذا؟

– عندما رسمت السلط وقدمتها في معرض العام ,1997 كنت مأخوذا بالميزة المعمارية للمدينة وبذكريات خاصة, تربطني بالمدينة تعود لطفولتي, فقد اثرت فيّ المباني القديمة والحجارة الذهبية والبعد الطبوغرافي للوادي والجبل, ولدهشتي الكبيرة, انني وجدت في زيارتي لنابلس نفس البناء الطبوغرافي, فجبلا عيبال وجرزيم والياسمينة تشبه الى حد كبير بناء السلط, اضافة الى العقل المعماري الذي يتطابق, وبنفس القيمة والجمال, اما فيما يتعلق بالتاريخ فكلا المدينتين من حواضر بلاد الشام, يرتبط اهلهما بروابط الدم والمصاهرة, فالسلط هي ذاتها التي استقبلت من هُجّروا ورُحّلوا بقوة البارود من مدينتهم نابلس, وتقاسمت مع اهل حارة الياسمينة ومدينة نابلس الخبز والماء.

* لماذا عدت إلى رصد المكان وتوثيق ذاكرة المدينة بعد ان سادت المدرسة المعاصرة في الفن التشكيلي؟!

– اذا نظرنا الى التجربة الاوروبية في اللوحة, نلاحظ ان الفنان الاوروبي قد اشتغل على الطبيعة والمكان, وترك لنا وثائق حية حول المدن والجغرافيا الاوروبية, وهذا يمكن ملاحظته على طول التجربة الغربية في الرسم وفي قرون تعود لما قبل عصر النهضة حتى بداية القرن الماضي, عندما بدأ الفنان الغربي يطرق باب المعاصرة, سواء في التجريدية او التعبيرية او حتى المفاهيمية وهي مدارس بدأت في الغرب, واغرق الفنان الغربي في التجريب بها وعلى حوافها, وعليه يمكن الحديث حول تجربة الفنان العربي والتي بدأت من حيث انتهى الفنان الاوروبي, اي اتجاه قوي نحو المعاصرة والمدارس الحديثة, وبقليل من الاهتمام بالطبيعة والمكان العربي الذي يمتلك خصوصيته, ولم يجد للان من اخلص في تناوله بالرسم والتوثيق.

اعتقد وهذا رأي شخصي ان الاعمال التي رصدت المكان في الفن العربي قليلة, والمشكلة الاكبر لدى الفنان التشكيلي الفلسطيني الذي انشغل على بعض الرموز البيئية والمرتبطة بالحياة الاجتماعية للشعب الفلسطيني من دون الانتباه الى توثيق المكان والمدن التي غير ملامحها الاحتلال ويسعى لطمسها والغاء هويتها العربية.

فمدن الاحتلال الاولى عام ,1948 هي مدن عربية بمعمارها وشخصيتها الضارية بالتاريخ, ما زال الاحتلال يحاول وقد نجح للاسف الشديد في الغاء جوانب مهمة فيها, ليقطع الطريق على المطالبين بها, دور الفنان العربي هناك ان يبقى عليها رسما وتوثيقا, وهو الامر الذي لا يريده الاحتلال.

اما فنانو الشتات فقد رسمو المكان الفلسطيني من الذاكرة وليس من مشاهدة عيانية, وعلى رأسهم اسماعيل شموط وتمام الاكحل.

,

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *