لوحات محمد الجالوس.. أيقونات فنية تحترف التشابه المختلف


عمان – الدستور – رشا عبدالله سلامة

لا يمكن لشغوف بفنّ التشكيلي محمد الجالوس إلا استحضار ‘الثيمة’ الفلسطينية في لوحاته ، تقليدية كانت أو مغايرة. لوحات الجالوس توزعت ، أمس الأول ، في غاليري بنك القاهرة عمّان ، بألوانها التي غلبت عليها الدرجات الترابية ، وبخطوطها المختلفة في تشابهها.

المربعات المتوسطة ، التي تكاد تتطابق في قياساتها بين اللوحات جميعا ، ضمّت في قلبها وجوها يخالها الناظر ، للوهلة الأولى ، أبواباً للمنافي ، تأرجحت ملامحها بين الواضحة ، والمهشمة ، والمنقوصة ، وتلك التي لا يكاد يبين منها سوى خط وسطي قد يرمز لأنوف الأنا المتضخمة.

ربما هي وجوه فلسطينية ، تلك التي أراد الجالوس منحها فرصة التجمع في مكان واحد ، رغم الأصقاع المتباعدة التي لم تنفك تتنازعها.. ظلال الألوان كانت مثل ظلال الأحداث التي تعاقبت عليها ، تبدأ وردية خجولة ، لتصل الذروة بعدها ببرتقالي متقد ، وليبدأ شحوبها بألوان حزينة ، لتصل ، كما دوما ، إلى نقطة السواد المتفحم ، الذي تبين منه خطوط دم ما تزال طازجة برغم تقادم الأعوام.

اللون الأخضر كان ظاهرا في لوحات دون غيرها.. تلك اللوحات التي يظهر فيها بدرجة لونية لافتة ، وعلى استحياء ، برغم تخبطه العشوائي في جنبات اللوحة ، بين اللون الآخر المزمن والمهيمن إلى حد لا يترك فيه موطئ قدم لغيره من ألوان.

اللون الأزرق يكاد يكون يتيما وخارجا عن السياق العام ، كما في حاله بين المنافي التي اختارت إلغاء الشاطئ عقابا رئيسا: إذ برز بوضوح في لوحة وصل هدير موجها لأذن متأملها.. يتوسطها وجه مكتمل الملامح ، بعثرته وجهات الإبحار حتى توالدت نسخه المتضائلة الحجم ، المشوهة الملامح..

قد تكون القراءة الآنفة في لوحات الجالوس ، التي رافق عرضها توقيع كتابه ‘ثلاثون عاما في الرسم’ ، قريبة من المعنى الذي ترنو لإيصاله ، أو بعيدة تمام البعد عما تخفيه من معانً ، لا سيما وأن الجالوس لا ينفكّ يختبر مذاهب عدة في الفن الذي ما برح يتلبسه منذ عقود ثلاثة.

والجالوس أقام أكثر من ثلاثين معرضا شخصيا وعرضت أعماله في أكثر من عاصمة ومدينة داخل وخارج الأردن وفي أوروبا والولايات المتحدة الأميركية ، إلى جانب مشاركته النشطة والواسعة في العديد من المعارض الدولية وورشات العمل في مختلف دول العالم ، وفاز في العام 2002 بالجائزة الأولى في بينالي طهران الثاني للفن في العالم الإسلامي ، وهي المسابقة التي اعتبرت بداية مهمة لفوز الأعمال الفنية العربية في بيناليات ذات سمعة عالمية ومنافسة قوية.

ودرس الجالوس الذي ولد في العام 1960 ، الفن في معهد الفنون الجميلة بعمان بين عامي 1979 – 1981 وحصل على بكالوريوس في إدارة الأعمال من الجامعة الأردنية إلى جانب ترأسه لرابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين بين عامي 2003 – 2004 ، وعضويته في أكثر من لجنة تحكيم فنية داخل وخارج الأردن وعضويته الدائمة في اللجنة العليا الدولية لمهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية في تونس وانجازه للعديد من الجداريات الفينة في الأردن والخارج.

,

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *