رسالة إلى الجالوس من جاريد


الدارالبيضاء في 18 مارس 2015

صديقي العزيز

سعدت كثيرا بإطلاعك لي على جزء من أعمالِ معرِضِك الجديد ، كانتمتعة خالصة يا رسام المتعة الخالصة ، كما يحْلو للناقد فاروق يوسف أن يُسَمّيك.  فأثناء محادثتنا مؤخراً لمْ يَسْتَرْعِ انتباهي حديثُك عن الجسد في أعمالك الأخيرة ، وحتى عندما أبْدَيْتَ حِيرة في اختيار عنوانٍ لمعرضِكَهذا واقترحتُ عليْكَ حينها فكرة مَقامُ الجَسَدوأنا أُحَدِّثك عن التَّرْبيع والتَّدْوير، لم تَسْتَوْقِفُني أيضا بداية العَوْدةِ إلى تباشير التشخيص بقدر مَا لَفَتَ انتباهي مسألة المَرْئِي لدَيْك الذي أصبح أكثر لُيُونَة بفعل الأكسيجين المَنْفُوتُ في مِسَاحاتٍ أوْسَع.

فَمِنْ ماقَبْلَ التَّشخيص إلى تباشير الحَكْي ومِنَ التّرْبيع إلى التَّدْوير ومِنَ الصّرامة إلى التَّلْيِين ومن قواعد التركيب العقلانية في الرسم إلى العودة للذات ومِنَالبَذْخِ إلى اقتصادِ اليَد. عُقُوقُ الجالوس عنْسِيبَوَيْه الصِّباغة العَالِمة ونَحْوِهَا مقابلَ الإنْعِتاقِ إلى ما تُمْليه غِواية الدَّواخِل ، وها أنْتَ تَتَعَرَّفُ على ذاتِك أكثر في الوقت الذي كانت الصَّدفة لا تَعْرِفُ طريقها إلى يديك.

زَحْفُ البياض الشّفيف بِعَزْمٍنحو اللاَّيقين لِيَتَكتَّم عن وِشَاحَات اللوحةِ وألوانِها المُحْتَقِنَة التي تَرِنُّ هو مَديحُ البراءة وللبُعْدِ الإيرُوتيكي للبراءة  فيما مُلْهِمَتُك تَجْري حافيةً فوق تجاعيد اللوحة وتضاريس زُقاقِها تحت ضِلالٍ عَطِرة .لا أُخْفِيكَ أن هذا تحْديدًا هو ما يَأسرُني : أليْسَ كل شيئ يصبح فاتِناً في الضَّباب ؟

عزيزي محمد ،

ليس ثمة أعمق من أن يَعْشَقَكَ الصَّمْتُ لكنه يَضَعُكَكما يَضَعُني صَوْبَ الفراغ الذي هو بداية الكائن ونهايته.

وقدْ أغْواها قَوْسُ قزحْ

تَبْكي السَّماء مِنْ فَرْطِ الفَرحْ

فَما اليَقينُ سِوى غَيْمَةً في الأُفُق تَطْفَحْ

مودتي..

فنان من المغرب.

,

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *